مخطوطات سجل ذاكرة العالم: مشاهداتي في متحف دار الكتب المصرية بباب الخلق

أمّا "حجج الأمراء والسلاطين"، فسُجلت عام ٢٠٠٥م، وتضم أكثر من ٣٠٠ وثيقة تعود للعصور الفاطمية والأيوبية والمملوكية وحتى العصر العثماني، تُشكّل ذاكرة سياسية وإدارية وثقافية لقرون متعاقبة، كان هناك قيود على تصويرها للزوَّاء.

المثير للبهجة، أن هذه الكنوز محفوظة في مكان واحد: دار الكتب المصرية، أول مكتبة وطنية عربية تأسست عام ١٨٧٠م، وكانت مصر أول دولة عربية تفتح بابها لتسجيل وثائقها ومخطوطاتها ضمن ذاكرة العالم (١٩٩٧م).

الزيارة لم تكن فقط جولة في متحف، بل كانت معاينة حقيقية لكيف يمكن أن تتحول المخطوطات إلى جسور دولية، وكيف يمكن للذاكرة الورقية أن تدخل في حوار عالمي.

تجارب الدول العربية -من مصر والمغرب إلى عُمان والجزائر- تؤكد أن المخطوطات ليست تراثًا ساكنًا، بل حيوية متجددة. واليوم، أمام المملكة العربية السعودية فرصة واعدة لتسجيل مخطوطاتها النادرة (الرقوق الكوفية، الرقوق الأندلسية، المخطوطات الفريدة، المخطوطات المصوَّرة) ضمن هذا السجل الدولي، خصوصًا في ظل التوجه الثقافي النوعي الذي تشهده بلادنا.

من هنا، تزداد أهمية بناء أرشيف وطني للمخطوطات المؤهّلة دوليًا، وتنمية أدوات التوثيق والتحكيم العلمي، بما يعزز حضورنا في المنصات العالمية مثل اليونسكو. ومن الممكن بناء سجل مماثل في الإيسيسكو والألكسو.

أشكر القائمين على دار الكتب والوثائق القومية في القاهرة بمركزيها (الكورنيش، باب الخلق)، وأقدّر ما يبذلونه من جهود حثيثة في الحفاظ على هذا التراث الثمين، الذي هو ملكٌ للبشرية جمعاء.