رسالة التراث العربي إلى العالم:
سنان بن ثابت ومخطوطه النادر
نصٌّ بديع في الأخلاق الكونية والأخلاق السياسية، ظلّ حبيس الخزائن والمكتبات، وهو نسخة فريدة حول العالم، والوحيدة المتبقية من كتبه العشرين. أُتيح لي -بفضل الله- دراسته وتحقيقه ضمن زمالتي بمعهد الدومنيكان للدراسات الشرقية ومعهد المخطوطات العربية بالقاهرة.
حظيت بشرف وضع يدي على نصٍّ لم يُقرأ منذ حين، وفيه من الثراء الفلسفي ما يدعو إلى إعادة التفكير في تاريخ الأخلاق العربية الإسلامية. وهل كانت الأخلاق عند سنان صدى لفكر صابئي؟ أم كانت بوابة إلى تصور كوني أرحب.
في زوايا هذا المخطوط، وجدتُ سنانًا يتحدث عن “حقيقة الإنسان جوهر واحد، فالناس كلهم بالحقيقة شيء واحد وبالأشخاص كثيرون، فواجب أن يكونوا كلهم متحابين ومتوادين”، وعن فلسفة الأخلاق كجسر بين الفلاسفة والحكام. ليست هذه مجرد تأملات، بل محاولة لبناء منظومة أخلاقية قائمة على الاعتدال والتسامح العمومي بين أفراد المجتمع.
هذه الكلمات التي عبرت إلينا من بغداد القرن الرابع الهجري، وجدتها تصدح في عصرنا كأنها كُتبت في عصري التنوير والحداثة. وهي تدعونا للتساؤل: هل يمكننا استعادة هذا الفكر الأخلاقي المدني في زمننا الحاضر؟

تعليقات
إرسال تعليق