الفاضل جالينوس وانتفاعه بأعدائه أو هل نحن فضلاء بما يكفي ؟
من ألطف ما قرأت في زمن الاغتمام، شذرات ممّا كتبه فاضل أهل زمانه ومُطبِّب الملوك والحكماء والفقراء جالينوس [ت٢١٦م] في كتابه "فِي أنَّ الأخيار من النّاس قد يَنْتَفِعُونَ بأعدائهم" الذي فُقِد في اليونانية والسريانية والعربية على حدٍ سواء.
قال جالينوس: "فإنِي لم أطلبْ من أحدٍ من تلاميذي أُجْرَة، ولا من مريض من المرضى الذين أعالجهم، وإني أُعطي المرضى كل ما يَحْتاجُونَ إليه؛ لا من الأدوية أو من الأشربة أو من الأدهان أو غير ذَلِك لكنّي أُقيم عليهِم من يخدمهم أيضًا إذا لم يكن لهم خدمٌ! وأُهيىء لهم مع ذلك أيضًا ما يغتذون به.
وإني وصلت كثيرًا من الأطباء بأصدقاء كانوا لي توجهوا في عساكِر، لم آخذ من أحدٍ منهم على ذلك رشوةً أو هديةً بل كنت أهبُ لقومٍ منهم بعض الآلآت والأدوية التي يَحتاجونَ إليها".
وقد كانت هذا الرسالة المُطبِّب النفسي والملاذ الروحي لعدد من الأطباء والفلاسفة الذين تعرَّضوا لنكبات في حياتهم كمترجمها حُنين بن إسحاق [ت٢٦٠هـ] والطبيب أبو بكر الرازي [ت٣١٣هـ] وغيرهما، فكانت سلواهم انتفاعهم بأعدائهم!
ترك جالينوس (٢٣) مصنفًا في الأخلاق فُقِدت جميعها في اليونانية عدا رسالته "في تعرف الإنسان عيوب نفسه". أمّا العربية فكان حظها وافرًا ببقاء مختصر كتابه "أخلاق النفس" ومقالته "في أنَّ الطبيب الفاضل يجب أن يكون فيلسوفًا" ورسالته "في العادات".
تعليقات
إرسال تعليق