زيارة لبيت السحيمي بالقاهرة التاريخية
تُعبِّر العمارة التقليدية في المدن العربية عن التطور الاجتماعي وصراعاته الفكرية والمذهبية.
فنجد في الفضاء العام الديني؛ المساجد والخانقولات (معتزلات المتصوفة) والأربطة والمدارس. وفي الفضاء العام الاجتماعي (المدني)؛ الوكالات(مبنى التجار) والخانات(سكن التجار) والبيمارستانات (المستشفيات).
وكذا في الفضاءات الخاصة؛ في القصور والبيوت، فالعصر المملوكي -مثلًا- لا يقيم فصلًا حادًا بين جناحيْ الرجال والنساء، كما أصبح -لاحقًا- في العصر العثماني، في ثنائية السلاملك(الرجال) والحرملك(النساء).
انعكست هذه التصورات على تخطيط البيوت، فصُممت بحيث يرى من في الداخل من في الخارج عبر المشربيات (الشبابيك المصنوعة من الخشب المفرغ الملون).
يُعد بيت السحيمي نموذجًا لبيوت الطّبقات المرفّهة في القرن السابع عشر الميلادي (١٦٤٨م).
ينسب البيت إلى آخر ملّاكه، وهو الشيخ محمد أمين السحيمي (شيخ رواق الأتراك بجامع الأزهر الشريف)، الذي توفي عام ١٩٢٨م.
يبدأ البيت بمدخل يحجبه عن أنظار من في الشارع يسمى "مجاز"، يتلوه صحن البيت المزيَّن بأحواض الزرع والأشجار، والتي تفتح عليها جميع نوافذ البيت.
يتكون البيت من جناح السلاملك، الذي زينت جدرانه بأبيات البردة، وزين سقفه بألواح من الخشب المزين بالرسوم والنقوش النباتية الملونة.
ومن جناح الحرملك، التي تتميز بالمشربيات المغطّاة بزجاج ملون معشّق بالجص، وهي في غاية الجمال والاتقان.
كما يزين الغرف وجود صناديق خشبية مطعمة بالصدف والعاج لحفظ الملابس، وحمام بخار مكسوة بالرخام المزخرف والأسقف المقببة، وغيرها من مواقد لتسخين وتبريد الماء.
يتبع البيت لهيئة الآثار المصرية منذ الثلاثينيات، وخضع للترميم في التسعينيات، وأصبح الآن مزارًا سياحيًا، ومركزًا للإبداع الفني والفرق التراثية الشعبية.
تعليقات
إرسال تعليق