شريط المقالات

زيارة متحف أحمد شوقي


زيارة متحف أحمد شوقي

نشأ شوقي (١٨٦٨-١٩٣٢) وترعرع في قصور الخديوي إسماعيل (قصر عابدين - قصر الجزيرة - قصر القبّة) بفضل جدّته التي كانت تعمل كوصيفة. وعن هذه الحقبة قال شوقي:
أأخونُ إسماعيلَ في أبنائِه .. ولقد ولدتُ بباب إسماعيلا
ولبستُ نعمته ونعمةَ بيته .. فلبستُ جزلًا وارتديتُ جميلًا
تفتّح وعي شوقي على التراث والأدب العربي من خلال مطالعته لمكتبات القصور الخديوية (المحفوظة حاليًا بدار الكتب المصرية).
سمحتْ هذه النشأة لشوقي أن ينضم لأول مدرسة حقوقية في المشرق العربي (مدرسة الحقوق الخديوية) التي تحولت لاحقًا إلى أقدم كلية حقوق بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حاليًا). بعد ذلك رحل شوقي لفرنسا دارسًا ومتأملًا، ليستكمل دراسته الحقوقية والأدبية.
هاذان الرافدان الثقافيان تجسّدا واقعًا معماريًا في منزل شوقي بعد عودته من أسبانيا خلال منفاه (١٩١٤-١٩١٩)، فصمّم منزله خليطًا بين الفن العربي (أرابيسك) في الدور الأرضي، والفن الأوروبي في الدور العلوي، والفن الأندلسي (الممزوج بين الحضارتين) في حديقة منزله. أمّا غرف الخدم فتقع في الدور السفلي (تحولت لمركز ثقافي لاحقًا).
يكسوكَ الجلال بمجرد وضع قدمك على السجادة الحمراء، وتحديقك لروائع الزخارف العربية في الدور الأول، حيث تصادفك على اليمين مكتبة شوقي التي أصبحت أثرًا بعد عين؛ فلا مدونات مطبوعة أو مخطوطة أو حتى كراريس (يبدو أنها انتقلت لمكان آخر). وفي آخر الممر تقع غرفة تلميذه محمد عبدالوهاب (عُش البلبل) على اليسار.
للدور العلوي شرفتان؛ تُطِل الأولى على أهرام الجيزة، وعنها قال:
قمْ إلى الأهرام واخشع واطَّرح .. خِيلة الصِّيد وزهو الفاتحين
وتمهَّل إنما تمشي على .. حَرَم الدهر ونادي الأولين
أمّا الثانية فتُطِل على نهر النيل، وعنها قال:
مِن أَيِّ عَهدٍ في القُرى تَتَدَفَّقُ .. وَبِأَيِّ كَفٍّ في المَدائِنِ تُـغدِقُ
لو أنّ مخلوقًا يُؤلَّه لم تكن .. لِسواك مرتبةُ الأُلوهةِ تخلُق
ويقع مكتبه الأثير داخل غرفة هذه الشرفة.
بقي أن نشير إلى أنّ حفيدته زيّنت جدران هذا الدور برسوماتها التشكيلية بعد عوتها من أمريكا في الستينات.
أمّا لماذا ينام أحمد شوقي في غرفة خلاف غرفة زوجته، فقصة أخرى لها مقامها؛ ولعلها إحدى بقايا رواسب تصورات شوقي الباكرة لثنائيات المرأة الشرقية (المنزلية)/ والمرأة الأوروبية (العاملة).

ملاحظتان:

١/ يندرج هذا المتحف تحت اختصاص وزارة الثقافة المصرية وليس وزارة السياحة والآثار، ضمن مبادرة هنا عاش لتحويل قصور المثقفين والفنانين إلى معالم حضارية.
٢/ لايسمح بالتصوير داخل المتحف (على خلاف المعتاد) لكن سمح لي بلقطة يتيمة داخل مكتبه. كما استعرتُ ورقة قصيدة (سلوا كؤوس الطِّلى) بخط شوقي من متحف أم كلثوم.













الأقسام
author-img
د. عبدالرحمن خالد الخنيفر

إستكشاف المزيد

تعليقات

      ليست هناك تعليقات
      إرسال تعليق

        نموذج الاتصال